فبراير 2024

موضوع العدد (3)

يونان: نبيٌّ رغمًا عنه

بقلم: ألفريد بوتيه

الاسم “يونان” معناه “حمامة”، وهي ترمز في الكتاب المقدس إلى رسالة سلام أو رسول سلام. وفي وقتٍ ما، أرسل الله هذا النبي في إرسالية إلى داخل إسرائيل (2ملوك 14: 25). كان ذلك قبل ميلاد المسيح بنحو 800 سنة. وأثمرت هذه الإرسالية بركةً لشعبه.

ثم في وقت آخر، لا نعرف متى تحديدًا، أرسل الله يونان إلى نينوى، وهي مدينة من الأمم، كانت قد استولت على أجزاء كبيرة من العالم في الشرق. وقال الرب ليونان: قُمِ ٱذْهَبْ إِلَى نِينَوَى ٱلْمَدِينَةِ ٱلْعَظِيمَةِ وَنَادِ عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ قَدْ صَعِدَ شَرُّهُمْ أَمَامِي» (يونان 1: 2). كان عدد سكان هذه المدينة العظيمة كبيرًا جدًا، حيث كان بها ما يقرب من 120 ألف طفلًا.  وكان الله مهتمًّا بكل أهل نينوى، بل وببهائمهم أيضًا (يونان 4: 11)، مع أن رؤساءها كانوا ضده وضد شعبه.

لكن، كان ليونان رأي آخر بشأن الرسالة التي أراد الله أن يوصلها إليهم بأن دينونة الله ستأتي عليهم بعد أربعين يومًا (يونان 3: 4).  كنا نظن أن يونان سيكون على استعدادٍ للذهاب في الحال، لكنه في حقيقة الأمر رفض ذلك، لأنه كان يرى أن هذه الرسالة ستقود أهل نينوى إلى التوبة.  ففي ذلك الوقت، كان يونان يفضِّل هلاك أهل هذه المدينة!  كان لدى يونان مخططه الخاص.  فإنه لم يشأ أن يكون المتحدث باسم الرب، بسبب مشاعره تجاه تلك الأمة، التي كانت قد أصبحت تشكل تهديدًا على إسرائيل.  وفي حقيقة الأمر، بعد ذلك بنحو 150 سنة، غزا الأشوريون إسرائيل، وسبوا الكثير من الشعب.  لكن حتى في ذلك الوقت، لم يسمح لهم الله بالاستيلاء على أورشليم.[1] كان انتماء يونان الوطني إلى شعبه، وكراهيته للأشوريين، هما ما جعلاه يرفض الرسالة التي كلَّفه الله بأن يذهب بها إلى نينوى (يونان 1: 2).  وقد أوضح النبي وجهة نظره هذه لاحقًا (يونان 4: 2).

سفر يونان الصغير هذا، الذي كتبه على الأرجح النبي الذي يحمل السفر اسمه، هو ضمن أسفار الأنبياء الصغار الاثني عشر.  وإذ كُتِب منذ زمان طويل، فهو يُعد جزءًا من كلمة الله المكتوبة الموحى بها من الله، ولا يزال وثيق الصلة بنا، ونافعًا إلى يومنا هذا (2تيموثاوس 3: 16-17).  فعلى سبيل المثال، نرى في السفر موضوع برِّ (عدل) الله، ومعايير قداسته، في مقابل خيانة مخلوقاته له، وإخفاقات إسرائيل تحديدًا. يصف هذا السفر رسالة الله إلى الجنس البشري، كما إلى اليهود أيضًا.  فقد تمرَّد رسول الله، وتمرَّد شعب إسرائيل أيضًا، أولًا الأسباط العشرة، ثم السبطين الآخرَين بعد ذلك.  وهذان السبطان هم المعروفون اليوم باسم اليهود، وهم الذين رفضوا المسيَّا الحقيقي عندما قدَّم نفسه لهم (يوحنا 1: 11).  ومع ذلك، سوف يستخدم الله شعبه الأرضي مرة أخرى، تمامًا مثلما فعل مع يونان بعدما ردَّ نفسه.

وماذا عنا اليوم؟ فمع أننا أخفقنا قبلًا، ولا زلنا نخفق أيضًا، دعونا ندرك جيدًا أن الله يستخدم أناسًا يخفقون، شريطة أن يعترفوا بخطاياهم ويقرُّوا بها، وأن يتضعوا، ويضعوا ثقتهم في الله.  ومثل هؤلاء الأشخاص هم الذين يستطيع الله أن يستخدمهم، بل وهو يستخدمهم بالفعل.  وربما ينطبق ذلك عليك أيضًا.

في أثناء خدمة الرب يسوع – المسيا – على الأرض، طبَّق قصة يونان على نفسه.  وشبَّه يونان، الذي بقي في بطن الحوت «ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَثَلَاثَ لَيَالٍ» (متى 12: 40) بآلامه عندما يمكث في القبر هذه المدة نفسها.

يجب أن ندرك أن عبارة “ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَثَلَاثَ لَيَالٍ” هي تعبيرٌ عن الزمن عند اليهود.  ويجب ألا يُفهم بطريقة حسابية دقيقة، كما لو كان معناه أن الرب يسوع مكث في القبر ثلاث فترات مدة كلٍّ منها أربع وعشرون ساعة. فبحسب الفكر اليهودي، أيُّ جزء من اليوم كان يُحسَب يومًا كاملاً.  فقد وُضِع يسوع في القبر في ساعة متأخرة من بعد ظهر يوم الجمعة، قبل غروب الشمس مباشرة، وبقي في القبر طوال يوم السبت، ثم قام من الموت باكر يوم الأحد. وهذه المدة كانت تُحسَب “ثلاثة أيام وثلاث ليال” بحسب الفكر اليهودي.

هل نحن متاحون لله عندما يدعونا؟

 

هذا تحدٍّ مهم على كل مؤمن أن يفكِّر فيه.  هل نحن مستعدون للذهاب عندما يدعونا الله، أم إننا نفضِّل أن نتبع رغباتنا أو أفكارنا؟  فقد أخفقت إسرائيل كأمة مرات عديدة، تماماً كما أخفق يونان بسبب عناده ورثائه لذاته. وماذا عنا؟  رغم إخفاقاتنا المماثلة، سيستخدم الله هذه الخبرات بنعمته.  وهذا يفسِّر كيف أصبح يونان بركةً للعالم أجمع.

علاوة على ذلك، يستخدم الله في المعتاد بقيَّةً، كما فعل مع دانيال وأصدقائه في بابل (دانيال 1-6).  فإن يونان صورةٌ لبقيَّة تقية أعدَّها الله، وسوف يستخدمها لتصير بركةً لشعبه،  ولجميع الأمم، عندما يحين وقتُه. لكن، قبل أيِّ شيء، كان يونان بحاجة إلى عمل حقيقي يجريه الله في داخله، لأنه هرب من وجه الله. فقد نام هذا النبي “نَوْمًا ثَقِيلًا”[2] على متن السفينة،  مرتحلًا في الاتجاه المعاكس للمكان الذي أراده الله أن يذهب إليه (يونان 1: 5).

وعندما أيقظه رئيس النوتية، أدرك يونان أن سبب هذا النوء هو هروبه من وجه الرب، وهو الأمر الذي قاله هو نفسه قبل ذلك لدى صعوده إلى السفينة.  والآن، اعترف بذلك مرة أخرى في وسط النوء. ومع ذلك، أُلقِيت القرعة لمعرفة المسئول عن النوء، فوقعت القرعة على يونان (يونان 1: 7). قال النبي قبل ذلك إنه كان هاربًا من وجه الرب (يونان 1: 3)، ثم أضاف في المرة الثانية أن هذا الإله هو «إِلَهِ ٱلسَّمَاءِ ٱلَّذِي صَنَعَ ٱلْبَحْرَ وَٱلْبَرَّ» (يوحنا 1: 9).

إن شهادة يونان بأن النوء كان بسببه أثارت خوفًا عظيمًا بين الملاحين.  ثم طلب منهم النبي أن يطرحوه في البحر، لكن الملاحين حاولوا تجنُّب ذلك بأي ثمن.  لكنَّ البحر كان يزداد اضطرابًا (يونان 1: 11-13)، فصرخ الملاحون إلى الرب لئلا يجعل عليهم دمًا بريئًا.  ثم أخذوا يونان وطرحوه في البحر، وفي الحال «وَقَفَ ٱلْبَحْرُ عَنْ هَيَجَانِهِ» (يونان 1: 15).  فخاف الملاحون من الله خوفًا عظيمًا، وذبحوا له ذبيحة ًونذروا نذورًا (يونان 1: 16).  وبهذا، أصبح يونان سبب بركة للذين كانوا على متن السفينة، عندما بذل نفسه ليُطرَح في البحر، فحلَّ هدوء عظيم، وهدأ الملاحون أيضًا.

ثم حفظ الرب يونان بأن أعدَّ له حوتًا عظيمًا ليبتلعه في اللحظة المناسبة.  وبقي يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال (يونان 1: 17).  وهناك، أجرى الله عمله مع عبده، وبداخله.

في خضم ضيق يونان الشديد، صرخ إلى الرب (يونان 2: 1-2)، مستخدمًا كلمات تُذَكِّرنا بالآلام التي اجتاز فيها الرب يسوع لأجل شعبه، ولأجل خلاصنا التام.  وأعطى الله يونان يقينًا داخليًّا بأنه قد سمع صلاته (يونان 2: 7).  وبينما كان يونان لا يزال في بطن الحوت، وعد إلهه بتقديم ذبائح ونذور.  ثم اختتم صلاته قائلًا: «لِلرَّبِّ ٱلْخَلَاصُ» (يونان 2: 9). وفي تلك اللحظة، «أَمَرَ ٱلرَّبُّ ٱلْحُوتَ فَقَذَفَ يُونَانَ إِلَى ٱلْبَرِّ» (يونان 2: 10).  وحينئذ، صار يونان على استعداد للذهاب في الإرسالية التي كلَّفه الله بها.

ماذا عنك؟  متى يمكن أن تصير على استعداد لتكون أداة صالحة لاستخدام السيد؟

التكليف والإرسالية الجديدة

 

«ثُمَّ صَارَ قَوْلُ ٱلرَّبِّ إِلَى يُونَانَ ثَانِيَةً قَائِلًا: «قُمِ ٱذْهَبْ إِلَى نِينَوَى ٱلْمَدِينَةِ ٱلْعَظِيمَةِ، وَنَادِ لَهَا ٱلْمُنَادَاةَ ٱلَّتِي أَنَا مُكَلِّمُكَ بِهَا» (يونان 3: 1-2). فذهب يونان إلى حيث أرسله الرب، ونادى بانقلاب نينوى الوشيك.

كان تأثير رسالة الله، التي نادى بها يونان، هائلاً. فبعدما نادى بها، آمن جميع أهل المدينة بالله، ونادوا بصوم، وتابوا توبة حقيقية. وقد شمل هذا الرجوع إلى الله ملك نينوى المتكبِّر وعظمائه أيضًا، الذين وضعوا أنفسهم بين يدي الله قائلين: «لَعَلَّ ٱللهَ يَعُودُ وَيَنْدَمُ» (يونان 3: 9).

كان للرسالة التي نادى بها يونان تأثير عميق على كلِّ سكان المدينة، الذين كان عددهم يقدَّر بنحو مليون نسمة!  ألا ترى إذن كم كانت الرسالة قوية؟  فقد انتشرت بسرعة هائلة وتاب الجميع.  ولذلك، رحم الله هذه المدينة الشريرة وأهلها، لأنهم رجعوا إليه.  ما أعجب النعمة!

 

[1] يَعلَم دارسو النبوات أن هجومًا من ملك الشمال سيُشَن في المستقبل، مثلما فعل الأشوريون في الماضي. فبسبب عبادة الأوثان التي ستمارَس في الهيكل الثالث، الذي لم يُبنَ بعد في أورشليم، سيسمح الله بوقوع هجوم وغزو مدمر (2تسالونيكي 2: 3-12؛ دانيال 9: 27؛ رؤيا 13: 14). وفي النهاية، هذا الغازي سيهلك (دانيال 11: 40-45؛ 12: 12). يختلف هذا السيناريو للأحداث عن الهجوم الموصوف في حزقيال 38-39، والذي سيبنى بعده الهيكل الرابع، لجلب بركات عظيمة خلال فترة الملك الألفي (إشعياء 56: 7؛ حزقيال 40-48).

[2] الكلمة التي تُرجِمت إلى ” نَوْمًا ثَقِيلًا” وردت سبع مرات في الكتاب المقدس العبري، مرة عن سيسرا القائد (قضاة 4: 21)، ومرتين عن يونان (يونان 1: 5-6)، ومرة عن أعداء إسرائيل (مزمور 76: 6-7). والكلمة نفسها تُستخدَم للإشارة إلى شخصٍ ينام بدلًا من أن يشتغل في موسم الحصاد (أمثال 10: 5). وقد وردت مرتين أيضًا بالارتباط بقصة دانيال (دانيال 8: 18؛ 10: 9).

لدى الله رسالة تخص اليوم والمستقبل القريب

 

إننا نعيش في أيام يُنادَى فيها ببشارة نعمة الله في كلِّ أنحاء العالم.  وإنها لبركة عظيمة أن هذه الرسالة وصلت، ولا تزال تصل، إلى عدد لا يحصى من البشر في العديد من الدول.  مجدًا للرب!  ومع ذلك، فإن العدد الإجمالي للذين يخلصون لا يزال قليلا نسبياً. على النقيض، في قصة يونان، حدث رجوع مذهل إلى الله نيابة عن جزء كبير من سكان العالم، وذلك في فترة زمنية قصيرة جدًا.

وعد الرب يسوع بأن يأتي من السماء ليأخذنا إليه (يوحنا 14: 3).  وحين يأتي، سوف يختطف جميع مؤمني عصر النعمة.  فهل ستكون ضمن هؤلاء؟  وفي لحظة الاختطاف، سينادي على المؤمنين الذين عاشوا قبل بداية الكنيسة في أعمال الرسل 2 من قبورهم، فيتغيَّرون في لحظة، ليجتمعوا مع الذين قبلوا الخلاص المقدَّم من الله خلال زمان النعمة (1كورنثوس 15: 51-52؛ 1تسالونيكي 4: 16-17؛ 2تسالونيكي 2: 1-3). أما غير المؤمنين، الذين ماتوا من أيام قايين (تكوين 4-5)، فسيبقون في الهاوية (أي عالم الموت) إلى أن يقاموا ثانيةً ليخضعوا لدينونة العرش الأبيض العظيم.  ثم سوف يُطرَح هؤلاء، روحًا ونفسًا وجسدًا، في بحيرة النار (رؤيا 20: 6-15). يا للبشاعة!

وعقب الاختطاف بفترة وجيزة، سوف يرسل الله «بِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ» (متى 24: 14)، فيَخلص جمهور كبير في كلِّ أنحاء العالم في مدة زمنية قصيرة، تمامًا مثلما حدث في أيام يونان.  إليك مثالٌ على ذلك: «وَأجَابَ وَاحِدٌ مِنَ ٱلشُّيُوخِ قَائِلًا لِي: هَؤُلَاءِ ٱلْمُتَسَرْبِلُونَ بِٱلثِّيَابِ ٱلْبِيضِ، مَنْ هُمْ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَتَوْا؟». فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدُ، أَنْتَ تَعْلَمُ. فَقَالَ لِي: هَؤُلَاءِ هُمُ ٱلَّذِينَ أَتَوْا مِنَ ٱلضِّيقَةِ ٱلْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ ٱلْخَرُوفِ.  مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ هُمْ أَمَامَ عَرْشِ ٱللهِ، وَيَخْدِمُونَهُ نَهَارًا وَلَيْلًا فِي هَيْكَلِهِ، وَٱلْجَالِسُ عَلَى ٱلْعَرْشِ يَحِلُّ فَوْقَهُمْ. لَنْ يَجُوعُوا بَعْدُ، وَلَنْ يَعْطَشُوا بَعْدُ، وَلَا تَقَعُ عَلَيْهِمِ ٱلشَّمْسُ وَلَا شَيْءٌ مِنَ ٱلْحَرِّ، لِأَنَّ ٱلْخَرُوفَ ٱلَّذِي فِي وَسَطِ ٱلْعَرْشِ يَرْعَاهُمْ، وَيَقْتَادُهُمْ إِلَى يَنَابِيعِ مَاءٍ حَيَّةٍ، وَيَمْسَحُ ٱللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ» (رؤيا 7: 13-17).

ونتيجةً للضيقة العظيمة، سيصبح لدى الله حصاد هائل، الأمر الذي سيؤثِّر في العالم بأسره!  فقديمًا في أيام يونان، استطاع يونان الوصول إلى جمهور كبير من الناس فقط في أيام قليلة.  وتُظهِر أحداث سفر الرؤيا قوة الله وقوة رسالته، التي جعلت أعدادًا كبيرة من البشر يتوبون ويؤمنون.  تخيَّل معي ما سيسفر عنه إرسال 144000 رسولًا، سيرسلهم الله إلى كل أنحاء العالم!  سيحدث ذلك عقب الاختطاف الآتي بفترة وجيزة (1تسالونيكي 4: 16-17).  ثم ستنطلق دعوة جديدة إلى التوبة، ويؤمن كثيرون بالبشارة عن المَلِك الآتي. وبعد ذلك، سيتأسس ملكوته على الأرض في مجد علني.  وسيدوم هذا المُلك المبارك ألف سنة (رؤيا 20: 4)، تعقبها الدينونة الأخيرة، وهي دينونة العرش العظيم الأبيض (رؤيا 20: 11-15).  ما أهيب ذلك!

دعوة الله اليوم

منذ حوالي 4000 سنة، دعا الله إبراهيم، أبا المؤمنين، قائلًا له: «ٱذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي أُرِيكَ. فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ ٱسْمَكَ، وَتَكُونَ بَرَكَةً. وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلَاعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ ٱلْأَرْضِ» (تكوين 12: 1-3).  ولا تزال دعوة الله ووعوده صالحةً لشعب إسرائيل، وهي تحتوي على دروس كثيرة لنا نحن أيضًا، كتلك الدروس المتضمَّنة في قصة حياة يونان. فحتى بعد نجاح إرسالية يونان، كان لا يزال عليه أن يتعلَّم دروسًا مهمة، حتى يكون في تناغم تام مع الله، بدلاً من أن يسير وراء أفكاره الخاصة (انظر يونان 4).

كان يونان بحاجة إلى اختبار النوء العظيم، وإلى المكوث في بطن الحوت، حتى يصير مستعدًا لتنفيذ أوامر الله بأن يكرز لأهل نينوى.  وبعد ذلك، وبينما كان ينتظر وقوع دينونة الله على نينوى، كان بحاجة إلى أن يقيِّم شعوره بأهميته، وكبرياءه، وأحكامه المسبقة على الآخرين، وعناده. ولذلك، استخدمه الله ليكتب لنا اليوم هذا التقرير!

وماذا عنك؟  ما الذي يَلزَمك لتصير أداة في يد الله؟  لدى الله خطة لكل مؤمن، كما نتعلَّم من قصة تجديد بولس، ودعوته، وإرساليته (اقرأ غلاطية 1: 15-2: 21). فقد رُحم هذا الرسول ليصير أداةً في يد الله، وذلك حتى يكون مثالًا للعتيدين أن يؤمنوا، ويصيروا هم أيضًا خدامًا لله (1تيموثاوس 1: 12-16). والرب يسوع المسيح، الذي دعا شاول الطرسوسي (أعمال الرسل 26: 12-16)، هو هو «أَمْسًا وَٱلْيَوْمَ وَإِلَى ٱلْأَبَدِ» (عبرانيين 13: 8)، وهو يستطيع أن يؤهِّلك أنت أيضًا!  وكي يتحقق ذلك، أقترح عليك أن تقرأ سفر يونان كاملاً، مراراً وتكراراً، طالباً من الرب أن يساعدك لتتعلَّم الدروس التي تحتاجها.

عدد فبراير 2024

عدد يناير و فبراير من مجلة النعمة و الحق لسنة 2024 يحتوى على 8 مقالات ، اقرأ باقى المقالات وشاركها مع اصدقائك
Scroll to Top