فبراير 2024
افتتاحية : يعمل الله لمجده
بقلم: بول ألبرتس
كثيرون على دراية جيدة بقصص الكتاب المقدس، مثل قصة آدم، ونوح، ويوسف. وكثيرًا ما سمعنا أيضًا بقصة يونان والحوت. وتشكِّل هذه القصص مادة جيدة لتعليم الأطفال الصغار، بل والكبار الناضجين أيضًا! ويُذّكِّرنا ذلك بأنه حتى أبسط الأجزاء في الكتاب المقدس لها قيمة كبيرة. «كُلُّ ٱلْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ ٱللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَٱلتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَٱلتَّأْدِيبِ ٱلَّذِي فِي ٱلْبِرِّ» (2تيموثاوس 3: 16)؛ «لِأَنَّ كُلَّ مَا سَبَقَ فَكُتِبَ كُتِبَ لِأَجْلِ تَعْلِيمِنَا، حَتَّى بِٱلصَّبْرِ وَٱلتَّعْزِيَةِ بِمَا فِي ٱلْكُتُبِ يَكُونُ لَنَا رَجَاءٌ» (رومية 15: 4).
وبغض النظر عن عمرنا أو درجة معرفتنا الروحية، فإننا بحاجة إلى التأمُّل في الدروس التي أعطاها الله لنا في كلمته، حتى قصة يونان أيضًا.
فربما نعجز عن اكتشاف صلات مباشرة بين حياتنا الحالية وبين التفاصيل الدقيقة لما طُلب من يونان أن يفعله، وكيف كان رد فعله، لكن على الأرجح جدًا نحن أيضًا قد أخفقنا، وربما لا زلنا نخفق أيضًا، بشكل لا يختلف كثيرًا عن هذا النبي.
فإذا نظرنا إلى أنفسنا بصدقٍ، وفقًا لمعايير الله وليس معايير الإنسان، سنتذكَّر احتياجنا العميق، وعجزنا عن سداده. يدفعنا ذلك إلى أن نعترف كما فعل بولس الرسول، قائلين: «وَلَكِنْ بِنِعْمَةِ ٱللهِ أَنَا مَا أَنَا» (1كورنثوس 15: 10)؛ «ٱللهُ ٱلَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي ٱلرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ ٱلْكَثِيرَةِ ٱلَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِٱلْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ ٱلْمَسِيحِ – بِٱلنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ» (أفسس 2: 4-5).
فعندما نتأمل في قصة يونان، الذي عاش تحت الناموس، نرى كيف اجتذب الله هذا الرجل إليه «حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ، ٱلَّتِي أَجْزَلَهَا لَنَا [بمن فينا يونان أيضًا] بِكُلِّ حِكْمَةٍ وَفِطْنَةٍ» (أفسس 1: 7-8).
جعل الله يونان يدرك حقيقة نفسه، وحاجته إلى التقويم أمام الله. فقد خلَّص الله شعبًا محتقَرًا من هذا النبي، لكن محبوبًا من الله (يونان 3).
كذلك، مجَّد الله ابنه الحبيب من خلال حياة يونان، وذلك لأن يسوع وصف المدة التي قضاها يونان في بطن الحوت بأنها صورة لبقائه «فِي قَلْبِ ٱلْأَرْضِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَثَلَاثَ لَيَالٍ» (متى 12: 40). والله وحده هو الذي يستطيع تحقيق مثل هذه الأمور!